أصدر الناطق الرسمي باسم قوات حركة العدل والمساواة السودانية، العميد حامد حجر حسن ، بياناً تناول فيه التحديات التي تواجه تنفيذ بروتوكول الترتيبات الأمنية المنصوص عليها في اتفاق جوبا للسلام، في ظل اقتراب نهاية حرب الكرامة. وأوضح أن الواقع يفرض جملة من التحديات المعقدة التي تعترض سبيل تنفيذ الاتفاق. أشار إلى أن المجلس الأعلى المشترك، واللجنة العسكرية العليا المشتركة للترتيبات الأمنية، ولجنة وقف إطلاق النار الدائم هي الآليات الرئيسة لتنفيذ البروتوكول. ويتكون المجلس الأعلى المشترك من قادة حركات الكفاح المسلح في مسار دارفور ورئيس مجلس السيادة وأركان حربه. أما اللجنة العسكرية العليا للترتيبات الأمنية فتضم ضباطاً من الحركات المسلحة وآخرين من الجيش السوداني، برئاسة دورية متفق عليها بين الطرفين، في حين يقع مقر لجنة وقف إطلاق النار الدائم في مدينة الفاشر وتُعنى بتجميع القوات وإدارتها لأغراض التصنيف.
تطرق البيان إلى غياب اللجنة العسكرية العليا للترتيبات الأمنية نتيجة غياب الجنرال سليمان صندل، الذي تولى منصب الرئيس المناوب للجنة بالتوافق في أعقاب توقيع اتفاق جوبا عام ٢٠٢٠. وأكد حجر أن غياب صندل، الذي يُعتبر من الكفاءات النادرة إلى جانب الفريق جابر حسب الله من جانب الحركات، أثر بشكل مباشر على سير عمل اللجنة. وأوضح أن اللجنة، التي يقع مقرها بالقرب من جامعة المستقبل في منطقة الصحافة بالخرطوم، كانت تعتمد بشكل أساسي على قيادة صندل في ظل محيط وصفه بـ”المليء بأنصاف المتعلمين”. وفي المقابل، أشار إلى أن لجنة الشق الحكومي كانت تحت قيادة اللواء الركن علاء الدين عثمان ميرغني أغا، وتولى اللواء الركن أبوبكر أبودقن فقيري المسؤولية بعد غياب الأول، واصفاً هؤلاء القادة بأنهم يتمتعون بتكوين استراتيجي واختيار دقيق.
أوضح حجر أن الهيكل التنظيمي للجنة الترتيبات الأمنية يواجه تحديات كبيرة، من بينها ضعف كفاءة الضباط الذين يتولون رئاسة الدوائر الست في اللجنة، حيث وصف بعضهم بأنهم “ضباط خلاء أميون”، ما يؤثر سلباً على قدرتهم في إدارة الزوايا السياسية مع الفريق الحكومي. وأضاف أن مسألة الرتب الرفيعة تشكل تحدياً آخر، حيث كان رئيس اللجنة من جانب الحركات يحمل رتبة فريق، في حين كان نظيره الحكومي برتبة لواء، وهو ما أثار جدلاً حول الرئاسة الدورية للجنة، خاصة عندما تتولاها شخصية برتبة أدنى، معتبراً ذلك غير مقبول في السياق العسكري.
انتقد البيان أيضاً الطريقة التي مُنحت بها الرتب للضباط من خلال اللجنة الدائمة لوقف إطلاق النار في دارفور، مشيراً إلى عدم رضا الضباط عن التقييمات والمعايير المستخدمة، وهو ما أدى إلى شعور بعدم العدالة والمهنية. وأوضح أن الرتب الرفيعة تُمنح وفق استثناء سياسي للقيادة، أو تخضع لمعايير ملاك الكتيبة في الجيش السوداني، محذراً من أن التفاصيل الدقيقة في هذه المسألة قد تكون سبباً في تفاقم المشكلات.
أكد حجر أن غياب التوافق بين رؤساء الحركات لاختيار بديل مناسب لقيادة اللجنة العسكرية العليا للترتيبات الأمنية أدى إلى فراغ شبه دائم، مما تسبب في ضبابية المشهد وعدم قدرة اللجنة على أداء مهامها وفق نصوص اتفاق جوبا. وأشار إلى أن غياب الشخصيات المؤثرة في ملف التفاوض، مثل المحامي أحمد تقد لسان وكبار المفاوضين الآخرين، أدى إلى غياب عملية المراجعة الدورية للاتفاق وإعادة ترتيب الأولويات، في ظل تراجع دور رعاة الاتفاق من جمهورية جنوب السودان، وعلى رأسهم رئيس لجنة الوساطة د. ديو متوك، والوزير رمضان محمد عبدالله، وجنرال الأمن توت قلواك ميمني، الذي اعتبره حجر قد خرج من دائرة التأثير في ملف الاتفاق.
شدد البيان على أهمية دور جمهورية جنوب السودان في تنفيذ بروتوكول الترتيبات الأمنية، مشيراً إلى اختيار العميد أريا للمراقبة، إلى جانب جمهورية تشاد كطرف ثالث لتسهيل العملية، محذراً من أن غياب هؤلاء الأطراف سيشكل تحدياً مستقبلياً. وأكد حجر أن قادة الحركات لا يستطيعون لوم الفراغ الحاصل في اللجنة العليا للترتيبات الأمنية، لأنهم انشغلوا عنها بعد الحرب بأمور تنفيذية، ولم يتمكنوا من سد فراغات الغياب، مذكراً بأن رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان كان قد طلب قبل اندلاع الحرب عرض القوائم النهائية للضباط من لجنة الترتيبات الأمنية، لإصدار مرسوم جمهوري كمرجعية إدارية للانتساب إلى الجيش، إلا أن القوائم تأخرت لأسباب تتعلق بالمعايير المثارة.
أشار البيان إلى أن مفوضية نزع السلاح وإعادة الدمج كانت قد نظمت ورشة بالتنسيق مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في فندق السلام روتانا بالخرطوم في سبتمبر ٢٠٢١، بعنوان “المشاورات التقنية لتفعيل لجنة وقف إطلاق النار الدائم”. وانتقد حجر برنامج نزع السلاح وإعادة الدمج (DDR) الذي تتبناه الأمم المتحدة، معتبراً أنه ليس برنامجاً عادلاً وفقاً للتجارب العالمية المدروسة.
وأوضح حجر أن لجنة القوائم فشلت حتى الآن في تصنيف الضباط وفقاً لرغباتهم في الانضمام إلى الجيش أو الشرطة أو جهاز الأمن، أو حتى إدراجهم في الخدمة المدنية بناءً على مؤهلاتهم الأكاديمية، محذراً من أن عدم تصنيف المعاشيين وقوائم التسريح سيخلق مشكلات مستقبلية. ودعا قيادة الحركات إلى إيلاء المزيد من الاهتمام والتوافق على اختيار رئيس جديد للجنة العسكرية العليا للترتيبات الأمنية، والشروع في اختيار ضباط أكفاء لتولي المهام في الدوائر المختلفة، مع تصنيف القوائم بشكل عادل لضمان حقوق الضباط والمقاتلين، محذراً من أن تجاهل هذه القضايا قد يؤدي إلى بروز حركات رافضة جديدة نتيجة الظلم الداخلي.
أكد حجر أن هذه الملاحظات ليست نقداً موجهاً لأحد، بل تهدف لتحفيز النقاش وإيجاد حلول في ظل الفوضى الإدارية التي تشهدها الحركات، مشدداً على ضرورة الوفاء بحقوق المقاتلين والضباط. وختم بيانه بالتأكيد على أهمية التنظيم والإدارة المتقدمة حتى في ظل استمرار حرب الكرامة، مشيراً إلى أن القيادة التي ترغب في تحقيق أهدافها يجب أن تتحلى بالقدرة على التفكير الاستراتيجي وتوزيع المهام بشكل فعال.
