نشر المتحدث الرسمي باسم العملية السياسية و القيادي بحزب المؤتمر السوداني خالد عمر يوسف على صفحته التالي :-
نكمل اليوم رابع ليالي هذه الحرب اللعينة. يختنق السودان برائحة الموت، تغطي سماءه الحرائق وأزيز الطائرات، الجثث ملقاة على قارعة الطريق، والبلاد تموت موتاً بطيئاً. وسط هذا المشهد المأساوي يقرع البعض طبول الحرب متدثرين بشعارات حق تستند على باطل.
يحدثك فلول النظام السابق عن ضرورة الجيش الواحد، وهي مقولة حق سعينا لها عبر العملية السياسية حتى بلغنا آخر خطواتها سلماً ودون إراقة قطرة دم واحدة، وكان الجميع على استعداد للسهر والنقاش وصولاً للترتيبات الأمثل لإصلاح القطاع الامني والعسكري بما يعيد له وحدته ويطوره ويحدثه، ولكن ظل عناصر النظام البائد يعملون ليل نهار على تدمير هذا المسار وطرح بديل الحرب لبلوغ هذه الغاية، والآن يحدثك بعض من انطلت عليهم هذه الشعارات بأن هذه الحرب ستثمر وطناً واحداً بجيش موحد مهني وقومي تنتهي معه ظاهرة تعدد الجيوش .. وهو ما لن يحدث أبداً، فهذه حرب لن ينتصر فيها أحد، واذا لم تنتهي سريعاً فيتتحول لأربعة سيناريوهات نوجزها على النحو التالي أدناه:
١- النظام السابق وعناصره لا مشروعية سياسية لهم، ومع فشلهم في توفير الغطاء السياسي للحرب، سيلجأون لاستخدام الخطاب الجهوي الاثني كما فعلوا من قبل، وهو ما سيحول هذه الحرب لحرب إثنية جهوية، وبمراقبة بسيطة لبعض الخطابات التي تطفو على السطح الآن، نقرأ وبوضوح نذر تحولها لفتنة عنصرية تتغذى باختلالات الدولة السودانية التي لم تعالجها منذ الاستقلال.
٢- ستؤدي هذه الحرب حال استمرارها لانفصال أجزاء من السودان، فليس سراً أن أطراف السودان تتململ من الدولة المركزية وميراثها، وستدفع بعض القوى بأجندة الانفصال، ولو تدبرنا تجربتنا الوطنية لعلمنا أنه وكما انقسم السودان لدولتين عبر حرب دارت في أقاصي جنوبه، فاندلاع حرب تدور في قلبه ومركزه مع هشاشة الدولة الحالية ستفصل أجزاء أخرى لا محالة.
٣- لهذه الحرب امتدادات دولية واقليمية بدأت أطرافها بالتصريح بها جهاراً، وكما حدث في بلدان أخرى في الاقليم، فإن السودان الهش سيصبح مسرحاً لحروب قوى أخرى تتصارع في هذه المنطقة، وسيسهل اقتطاع أجزاء منه، خصوصاً أن نزاعاتنا الحدودية متعددة ومتشعبة.
٤- سيصير السودان بؤرة للأنشطة الارهابية، فهو يقع في منطقة شديدة الخطورة تنشط فيها الجماعات الارهابية، وهو خطر ظل قائماً وتصدت له الأجهزة الامنية السودانية خلال الفترة الماضية، ومع الشقاق الذي سيضعف منظومة الدولة لا سيما الأمنية منها، فإن السودان سيصير مرتعاً خصباً للإرهاب.
لا يستبعد خيار الانزلاق للصراع الاثني، والانقسام، والانحدار لأن نصير ساحة قتال دولي واقليمي، وتفجر الانشطة الارهابية إلا مكابر. كل هذه السيناريوهات ستدخل البلاد في نفق اللا عودة، وستجعل من وقف الحرب قراراً لا تمتلكه جهة وطنية محددة.
لم يفت الأوان بعد، لا زال أمامنا مساحة تتضاءل يوماً بعد يوم لتلافي هذا المصير المظلم، وهذا الأمر بأيدينا نحن أهل السودان .. وهو ما يتطلب أمرين:
١- وحدة مدنية عريضة تنهي كافة اشكال الاستقطاب وتنبذ التباينات الثانوية وتسترد زمام المبادرة برفض الحرب ونبذها وعزل خطابات التهييج واشعال الفتن، وتبني مشروع لبناء الوطن سلماً لا حرباً.
٢- تغليب قيادة المؤسسة العسكرية في القوات المسلحة والدعم السريع لصوت الحكمة، واسكات صوت البنادق الآن، وحل القضايا العالقة بالحوار والنقاش لا بالحرب والدمار.
قد يبدو المطلوب يسيراً في الكتابة عسيراً في الفعل، ولكن رغم صعوبة المهمة فلا يسعنا إلا أن نبذل فوق الوسع لتحقيقها، وهو ما سنظل نعمل له حتى آخر نبضة قلب تسري في أجسادنا، فلا حياة تستقيم إن فرطنا في سوداننا الذي نحب ونعشق.
